وصف الصربي نوفاك ديوكوفيتش،المصنف ثالثاً عالمياً، فوزه مع منتخب بلاده بكأس ديفيس بأنه أفضل لحظة فيمسيرته، ومنحه الترتيب الأول في سلسلة الانتصارات الطويلة التي حققها،باعتبار انه جعل من الفريق الصربي "أسطورة حصدت احد أفضل النتائج في تاريخبلدنا".
وذكر بأنه "فريق انطلق إلىالمجموعة العالمية من مباراة ملحق أمام أستراليا عام 2007، ولم يكن يفكربأنه سيبلغ هذه المرتبة. كل موسم كان بمثابة أمثولة جديدة ويبدو انه يتعلمبسرعة".
وتوّجت صربيا بلقب بطلة كأسديفيس لكرة المضرب للمرة الأولى في تاريخها بفوزها على فرنسا 3-2 فيالنهائي، الذي احتضنته بلغراد على مدى ثلاثة أيام.
ويدين الصرب بفوزهم التاريخيإلى نجمهم الأول ديوكوفيتش الذي كان عادل النتيجة 1-1 في اليوم الأول بعدأن وضع غايل مونفيس فرنسا في المقدمة، ثم عادل النتيجة مجدداً في اليومالثاني (2-2) بفوزه على مونفيس 6-2 و6-2 و6-4، وذلك بعد أن تقدمت فرنسا2-1 عبر مباراة الزوجي التي فاز بها ميكايل لودرا وأرنو كليمان على نينادزيمونييتش وفيكتور ترويسكي.
وتناول ديوكوفيتش المذياعوخاطب أكثر من 15 ألف متفرج في قاعة بيوغرادسكا في بلغراد، قائلاً: "عليناأن نكون أقوى من الفرنسيين، بعدها سنحتفل طويلاً. استريحوا قليلاًواستجمعوا قواكم وشجعوا فيكتور لننتصر...".
ترويسكي بطلاً قومياً
وفي المواجهة الخامسة الحاسمةفرض ترويسكي نفسه بطلاً قومياً بعدما تخلص من عقبة لودرا بسهولة 6-2 و6-2و6-3، مدوناً اسم بلاده في السجل الذهبي للمسابقة، وحارماً فرنسا من لقبهاالأول منذ 2001 والرابع في تاريخها.
أما "الملهم الأول" فأنهى موسمه بسجل نظيف في كأس ديفيس قوامه 7 انتصارات في الفردي، رافعاً رصيده إلى 17 فوزاً مقابل 6 هزائم.
وحمل ديوكوفيتش (23 عاماً)وبعض أفراد جيله من اللاعبين واللاعبات كرة المضرب في صربيا إلى مصافالعالمية، وهو من دون شك الأكثر شهرة وشعبية بين مواطنيه النجوم الدوليينفي مختلف الرياضات.
ويلات الحرب
وعانى "نوفاك" على غرار أقرانهمن ويلات الحرب والقصف الجوي على بلغراد في نهاية تسعينات القرن الماضي.لكنه صمم على البروز، تصدى للصعوبات فبات العلامة الأولى لبلاده وسفيرهاالاستثنائي. ولطالما تدرب ولم يكن يستطيع تناول الغذاء المناسب بسبب ظروفالحرب وظروف والديه الصعبة.
بالنسبة إلى ديوكوفيتش وخبراءكثر، يعد التتويج في كأس ديفيس أكثر من انجاز لبلد يعتبر مميزاً تاريخياًفي الألعاب الجماعية، إذ "دفنت" الحرب نهضة كرة المضرب التي عاشتها صربياأو يوغوسلافيا سابقاً بفضل مونيكا سيليش وغوران بريبتش وسلوبودانزيفوينوفيتش.
وانضم ديوكوفيتش إلى منتخبصربيا في سن الرابعة عشرة على يدي نيناد زيموييفتش (الكابتن واللاعب)ويعتبره مثالاً يحتذى. والتشكيلة الحالية كانت متضامنة متعاضدة منذ سنواتالطفولة وعانت الصعوبات ذاتها في الملاعب، عاصرت حربين مدمرتين وأسابيع منالإقامة في الملاجئ عام 1999، والمغامرة بالتدريب في ملعب بارتيزان بلغراد.
جيل ذهبي
ويقّدر "ديوكو" مساعدة أسرتهوتضحياتها واندفاعها لبلورة "شخصيته البطلة". فبعدما وضعت الحرب أوزارهاسلك درب الاحتراف اثر انتقاله إلى إيطاليا وسويسرا، في حين انتقلت يلينايانكوفيتش إلى الولايات المتحدة، وآنا إيفانوفيتش إلى سويسرا، وفضل يانكوتيبساريفتش (المصنف 49 عالمياً) البقاء في صربيا.
"كل منا سلك طريقه الخاصة نحوالنجاح" كما يوضح ديوكوفيتش. ويضيف "حين تعين علينا خوض مباراة الملحقأمام أستراليا كان السؤال الكبير بالنسبة لغالبية الصرب: ما هي كرةالمضرب؟". فالحرب أنستهم عطاءات جيل سابق، وجيل ديوكوفيتش أحياها وجعلهاالأكثر شعبية.
وفي سنوات طفولته، زاولديوكوفيتش كرة السلة وكرة القدم والكرة الطائرة على غرار أترابه، وحينانخرط في مجال كرة المضرب لم يهضم الآخرون بداية انه يتدرب على تسديدالكرة إلى جدار!، والآن كثر يزاولون ذلك تشبهاً بالنجم الكبير على أمل أنيسلكوا طريقه.
أفضل ممثل لبلده
ويسعى ديوكوفيتش لان يكون أفضلممثل لبلده ويعكس صورة ايجابية عنها، وكأس ديفيس مناسبة مثالية لذلك،واللاعب النجم رجل أعمال وناشط "خيري"، فضلاً عن اهتمامه مع زملائه فيمنتخب كرة المضرب بمساعدة يافعين واعدين أمثال الأخوين ماركو وفيليبكرانيوفيتش، إذ يتكفلون بتمويل تنقلاتهما ويشركونهما في معسكراتهمالتدربيبة.
وسيدعو ديوكوفيتش المصنف أولعالمياً الإسباني رافاييل نادال ونجوماً في كرة القدم وكرة السلةوالفورمولا وان للمشاركة في مباراة استعراضية خيرية في الموسم المقبل.
وتقول والدته ديانا إن قطاعالطرق ورجال العصابات كانوا يرمزون إلى صربيين والآن حين يسأل احدهم في أيمكان عن جنسيته ويجيب بأنه صربي، فلفظ اسم نوفاك هو ردة الفعل العفويةالأولى.
والعائلة التي كانت تديرمطعماً للبيتزا في محطة كوباونيتش للتزلج، بينما نوفاك الفتى الصغير (4سنوات) يقيم مع جده في حي بانيينكا في بلغراد، والذي كان يجلسه في حضنهويصطحبه بالترامواي إلى ملعب بارتيزان ليصقل موهبة كرة المضرب لديه. فقدعاش نوفاك في سن الثانية عشرة حقبة الرئيس سلوبودان ميلوزوفيتش وأمضى 78يوماً في غرفة مظلمة بسبب الغارات الجوية، لكن القدر ابتسم لاحقاً للعائلة"الصابرة"، والوالد سرديان بات وكيل ماركات عالمية لساعات وألبسة رياضيةمتعاقدة مع نوفاك.
وتحت مسمى "فاميلي سبورت" توزعالعائلة مشاريعها الاستثمارية ورأسمالها من عائدات نوفاك الكثيرة (منهاعقد بمليون دولار مع "صربيا تيليكوم"): سلسلة مطاعم، نادي نوفاك وهو مركزرياضي راق في بلغراد، فضلاً عن تحضيرات لافتتاح أكاديمية لكرة المضرب فيأيلول/سبتمبر المقبل.
ويفاخر الوالد سرديان، "رئيسالمجموعة الاستثمارية العائلية"، ويبدو سعيداً بأن نجله تفوق عليه في عالمالأعمال، ويعترف أن نوفاك بارع ويضاهيه في مجال التجارة.
وما إن تطأ قدما ديوكوفيتش ارضالوطن حتى يعهد إلى أربعة عناصر من الشرطة بمرافقته خشية أن يتعرض لمكروه،خصوصاً انه تلقى تهديات بالخطف من قبل "انفصاليين كوسوفيين" يقال أنهمأرادوا لفت النظر إلى حق بلادهم بالاستقلال من خلال اخذ نوفاك رهينة،نظراً لشهرته والضجة التي كانت ستثيرها هذه الخطوة، علماً أن "ملهم صربيا"ذو جذور كوسوفية.وفي عمر الثانية عشرة حلمديوكوفيتش في أن يكون اللاعب الرقم 20 عالمياً، فلفت والده نظره إلى ضرورةالبحث عن "أضواء أكثر إشراقاً" وكان يعني المضي قدماً في سلم الترتيبالعالمي. ولما هنأه شقيقه ماركو أخيراً ببلوغه الموقع الثاني عالمياً، ردعليه قائلاً: "هذه المرتبة لم تعد تهمني فقد بلغتها سابقاً، التهئنة واجبعليك متى أصبحت في المركز الأول"